الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر: من يريد مدارسنا على شاكلة مدارس «طالبان»؟

نشر في  27 أفريل 2016  (10:36)

بقلم: عفيف البوني


ﻻ أشك في صدق وﻻ في وطنية الحبيب الصيد رئيس الحكومة التكنوقراطي والبراجماتي وغير المختص في العلوم اﻹنسانية ولكني كمواطن وكمثقف أكاديمي أناقشه باعتباره صاحب أخذ القرارفي تحديد السياسات الكبرى لوحده أو بمعية رئيس الجمهورية.
لقد وقع اختيار أو فرض محمد خليل ﻷخطر وزارة في أخطر مراحل تاريخ بلادنا وتاريخ اﻹسلام السياسي، أي وزارة الشؤون الدينية والوزير المذكور بدا صاحب زاد متواضع في معرفة اﻹسلام واﻷديان والثقافات ومعارف العصر، لقد فضحته تصريحاته ومواقفه وقراراته المرتجلة والشعبوية بغرابتها.
ثم إنها تورط الحكومة في ما من شأنه أن يهدد في الصميم نظام الجمهورية ومدنية الدولة باتجاه اﻹنحراف بها الى مغامرة الزعم بأن وزارته في عهده يمكنها أن تقضي على اﻹرهاب بدﻻ من قوى الجيش واﻷمن والثقافة والفن بمجرد القيام بحملة تحفيظ القرآن لمائة ألف طفل تونسي وقد أشاع أن حل مشكلة البطالة يمر عبر اقرار جمع وتوزيع الزكاة وحل مشكلة الجفاف عبر صلاة اﻹستسقاء، ومن موقعه الرسمي وهو غير الحامل لصفة مثقف، تطاول على النخبة المثقفة وزعم أن المثقفين ﻻيحفظون القرآن الكريم وهو ﻻيعرفهم وليس منهم بل إن الرجل قد فشل في إقناع موظفيه ومنظوريه  لسوء تسييره.
السياسة التي يدعو لها هذا السياسي الهاوي وغير المدرك لعواقبها ولتجارب دول شقيقة كانت قد جربتها وتخلت عنها مثل السعودية واﻷردن ومصر والجزائر..سياسة لم ترد في الدستور وﻻ هي من مشموﻻت الوزارة ، بل ان الرجل قد وجدها في مسودة مشروع الدستور المعلنة في جوان 2013، هي موجودة في كتابات منشورة ﻷهم زعماء حركة اﻹسلام السياسي في بلادنا والمتضمنة تديين التونسيين أو أسلمة المسلمين وهو أمر خارج سلطة الدولة الجمهورية المدنية ومخالف لحرية العقيدة والضمير والدولة ليس من صلاحياتها وﻻ هي كفأة في ان تقوم بفرض الدين على مواطنيها وخاصة على اﻷطفال.
والتربية العلمية والبيداغوجية اليوم تقتضي عدم فرض الدين على الصغاربمنطق التلقين والتج  وريث بل تعليمهم المعارف الدينية العامة جنبا الى جنب مع تعليمهم العلوم والمعارف والفنون والمهارات والهوايات في اطارمن التنوع والتعدد والاختلاف والحرية وممارسة النقد والتفكير الحر والمنهجي والعقلاني واﻹبداعي واﻹيجابي بل يجب تحرير عقل الطفل  من وصاية اﻷبوين  لإطلاق طاقاته رفضا لكل الطابوات المكبلة للعقل والخيال، وقد أثبتت التجارب أن تدريس الدين من قبل رجال الدين خصوصا المتزمتين ومن دون مقارنة موضوعية بين كل اﻷديان، من شأنه أن يطمس عقول اﻷطفال  ويحول بينهم وبين المعارف والفنون والتعايش مع اﻵخرين.
الدول التي حكمت بالشريعة وحفظت القرآن وأقامت حملات اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر عانت من اﻹرهاب، وعلى السيد رئيس الجمهورية كما على السيد رئيس الحكومة عدم تمرير خطة غير مدروسة من هاو مبتدئ في السياسة. عليهما قبل فوات اﻷوان أن يطلبا تقارير علمية من المختصين وأخرى أمنية من الخبراء في اﻷمن ومن الديبلوماسيين، ليتأكدوا من سوء تقدير هذا الوزير.
ليست المشكلة في تحفيظ القرآن  ولعدد كبير أو قليل، بل المشكلة  في من يفسره وقد رأينا تفسير شورو  عضو المجلس التأسيسي وغيره ممن سيعيّنهم لتفسير سورة التوبة مثلا بأغلب آياتها وسورة البقرة آيات 221و223و226و179 وسورة النساء آيات 24و25 و34وآل عمران آية 29.
وهل مع تحفيظ وشرح القرآن سيقع التطرق لما هو موافق أو مخالف له مما ورد في الدستور والقوانين التونسية واتفاقيات حقوق اﻹنسان التي صادقت عليها بلادنا؟